
انتشر توتر جيوسياسي جديد في الكاريبي مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا، في ظل انشغال العالم بالحروب في غزة وأوكرانيا. في 2 سبتمبر 2025، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تفجير الجيش الأميركي لقارب سريع بالقرب من المياه الدولية في البحر الكاريبي، متهمًا عصابة "ترين دي أراغوا" الفنزويلية بتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة. وأكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن العملية أسفرت عن مقتل 11 شخصًا، مبررًا استخدام القوة العسكرية بموجب قوانين النزاعات المسلحة للدفاع عن البلاد من تهريب المخدرات الذي يودي بحياة آلاف الأميركيين سنويًا.
هذا التصعيد جاء وسط انتشار عسكري أميركي غير مسبوق في المنطقة يشمل أربع سفن حربية، غواصة نووية، وثلاث سفن برمائية تحمل ألفي ونصف جندي من المارينز، ما دفع صحفاً أميركية للتحدث عن احتمال استهداف الأراضي الفنزويلية بهدف إضعاف نظام الرئيس نيكولاس مادورو. في المقابل، حذر السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي من محاولات جر فنزويلا إلى حرب لا يريدها أحد.
رواية واشنطن تصف مادورو برئيس غير شرعي متهم بقيادة شبكات مخدرات، مع مضاعفة مكافأة بقيمة 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه، ومصادرة أصول حكومية بقيمة 700 مليون دولار. وردًا على ذلك، أعلن مادورو "نضالًا مسلحًا منظمًا" في حال حدوث أي هجوم، مع تعبئة ملايين المليشيات المدنية، لكنه دعا في الوقت نفسه للحوار ورفض سياسات تغيير الأنظمة الأميركية في المنطقة.
يأتي هذا التصعيد في ظل تاريخ طويل من التوترات بين واشنطن وكراكاس، يعود إلى عهد هوغو تشافيز وزاد في عهد مادورو مع العقوبات الاقتصادية وفشل محاولات تغيير النظام. فنزويلا التي تملك أكبر احتياطيات نفطية بالعالم، شهدت أزمة اقتصادية وإنسانية حادة، مع تراجع صادرات النفط وارتفاع معدلات الفقر والهجرة.
في السياق الدولي، تدعمت فنزويلا بعلاقات قوية مع روسيا والصين وإيران وكوبا، فيما انقسمت دول أمريكا اللاتينية بين مؤيد ومعارض لأي تدخل أميركي. وتأتي التحركات العسكرية الأميركية في الكاريبي بمثابة ضغط دبلوماسي وعسكري يهدف لإضعاف مادورو، مع احتمالية تنفيذ ضربات محدودة تهدف إلى دفعه للتراجع عن حكمه أو حتى استهدافه شخصيًا.
المشهد يوضح كيف تحول ملف مكافحة المخدرات إلى جزء من صراع أكبر بين القوى الكبرى على النفوذ في أميركا اللاتينية، مع إشارات إلى أن واشنطن تحضر نفسها لمواجهة أكبر وصراعات أخرى عالمية، خاصة مع تزايد التنافس مع الصين.
المصدر: الجزيرة + مواقع إلكترونية