
برز اسم حكمت الهجري في السويداء خلال الأعوام الأخيرة، إذ أيد عام 2021 الحراك المحلي المناهض لنظام الأسد، بعد سنوات من تأييده النظام وصمته على ممارساته.
وتصدر الهجري المشهد بشكل كبير في المحافظة الجنوبية بعد سقوط الأسد أواخر عام 2024، نظرا لقيادته تيارا مناهضا للإدارة السورية الجديدة ممثلاً في المجلس العسكري لمحافظة السويداء، ومطالبته المستمرة بشكل من أشكال الإدارة الذاتية، إضافة إلى الحماية الدولية.
في منتصف يوليو/تموز الجاري، تصاعدت حدة الصراع في السويداء بعد اقتتال واحتجاز رهائن متبادل بين مجموعات مسلحة درزية وأخرى بدوية، تدخلت على إثرها قوات حكومية واجهتها قوات من المجلس العسكري الموالي للهجري بدعم وإسناد من إسرائيل. وسجلت جولات من العنف والتقدم والتراجع للقوات الحكومية في المحافظة، مع وصول قوات عشائرية من أنحاء مختلفة تضامناً مع البدو بعد تعرضهم لانتهاكات وعمليات تهجير قسرية من قبل قوات موالية للهجري، الذي لا يزال يرفض سيطرة الدولة السورية على السويداء، رغم وساطات إقليمية ودولية.
يذكر أن حكمت الهجري، أحد مشايخ العقل والرئيس الروحي للطائفة الدرزية في المحافظة، مر بمواقف متقلبة في مسيرته السياسية، فقد ارتبط بعلاقات إيجابية مع نظام الأسد حتى عام 2021، وظهر في عدة مناسبات يثني على بشار الأسد ويبارك نجاحه في الانتخابات الرئاسية. كما دعا سابقاً لتسليح الطائفة الدرزية والتحاق أبنائها بالخدمة في الجيش السوري، وتوسط لدى النظام لإعادة موظفين حكوميين إلى أعمالهم.
إلا أن علاقته مع النظام تغيرت عام 2021 بعد أن بدأ بتأييد الحراك الشعبي في السويداء، معلناً معارضته للإدارة السورية الجديدة ومطالباً باللامركزية والحماية الدولية. كما ارتبط بعلاقات مع المرجعيات الدرزية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ودعا مؤخراً إلى دعم حكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية.
وأظهرت تقارير صحافية أن التوتر بين الهجري ونظام الأسد تعمق بعدما منح النظام مزايا لشيخ العقل يوسف جربوع على حسابه، إضافة إلى تعرضه لإهانة من ضابط مخابرات، مما دفعه لمعارضة النظام بشكل علني.
يأتي هذا التصعيد في ظل رفض الهجري مخرجات مؤتمر الحواري الوطني والإعلان الدستوري السوري الجديد، مطالباً بدولة علمانية ديمقراطية ولامركزية، وبإشراف دولي على الانتقال السياسي في سوريا، مع الرفض القاطع لدخول قوات الجيش إلى السويداء.
وترجح مصادر أن مطالب الهجري المتعلقة بفتح معابر مع الأردن ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، تتقاطع مع توجهات إسرائيلية لفرض مشروع لتأمين ممر استراتيجي عبر الجنوب السوري.
تظل الأزمة في السويداء تعكس الصراعات الإقليمية والداخلية المستمرة، وسط مطالب محلية بحكم ذاتي وحماية دولية، وتوتر متواصل بين سلطة مركزية ضعيفة وقوى محلية باتت تحتل موقعاً متزايداً من النفوذ.
المصدر : الجزيرة نت