
فلسطين بين الحرب والمقترحات الدولية لوقف القتال
تتفق التحليلات الإسرائيلية على أن حكومة بنيامين نتنياهو، رغم موافقتها الشكلية على المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يوماً، لا تظهر رغبة حقيقية في إنهاء الحرب على القطاع. ويُتوقع أن تستأنف العمليات القتالية بعد انتهاء الهدنة، تماشياً مع أهداف الحكومة التي تتمثل في القضاء على حركة حماس وتجريد غزة من السلاح ومنع أي تهديد مستقبلي لإسرائيل من القطاع.
المقترح الأميركي يتضمن وقف إطلاق النار لشهرين، مع تنفيذ خمس دفعات من تبادل الأسرى تشمل إطلاق سراح 10 محتجزين إسرائيليين أحياء وجثث 18 آخرين، مقابل عدد غير محدد من الأسرى الفلسطينيين، إلى جانب انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة وضمانات لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية. لكن حماس أبدت تحفظات جوهرية على كيفية توزيع المساعدات وضمانات الانسحاب الكامل، مؤكدة أن وقف إطلاق النار يجب أن يكون دائماً وليس مجرد هدنة مؤقتة.
في المقابل، يتمسك نتنياهو وأحزاب اليمين الإسرائيلي بأهداف الحرب الأصلية، خاصة نزع سلاح غزة وإقصاء حماس من الحكم، في إطار رؤيتهم الأمنية التي تعتبر القطاع جزءاً من "أرض إسرائيل الكبرى"، مما يجعل فكرة الانسحاب الكامل ووقف القتال مرفوضة من قبل اليمين المتطرف.
تتواصل أيضاً، بدعم أميركي، جهود إسرائيلية لتقليص عدد سكان غزة عبر "خطة الهجرة" التي تهدف إلى تهجير قسري طويل الأمد لإحداث تغيير ديموغرافي وجغرافي في القطاع، بما يتماشى مع العقيدة اليمينية.
التحليلات الإسرائيلية تشير إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يضغط لإنجاز صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، ويربط إعادة إعمار غزة بنزع سلاح حماس وإبعادها عن الحكم، في حين أن نتنياهو يكرر رفضه لأي تنازلات تبقي الحركة مسلحة. وتُظهر التقديرات استعداد الجيش الإسرائيلي للعودة إلى القتال بعد انتهاء الهدنة، كما تستمر إسرائيل والولايات المتحدة في الترويج لخطة تهجير واسعة من غزة.
في الداخل الإسرائيلي، يثير المقترح حيرة وقلقاً من اعتباره استسلاماً، بينما يحاول نتنياهو التوفيق بين الحرب وتحرير الأسرى، لكنه قد يضطر لإعادة ترتيب تحالفاته السياسية أو التوجه إلى انتخابات جديدة في حال إقرار الصفقة.
تاريخ فلسطين يمتد لآلاف السنين، شهدت خلالها المنطقة تعاقب حضارات متعددة بدءاً من الكنعانيين مروراً بالسلوقيين والبطالمة والرومان، وصولاً إلى الفتح الإسلامي والعصور الصليبية والعثمانية، حتى الاحتلال البريطاني وتأسيس دولة إسرائيل عام 1948، وما تبعه من صراعات مستمرة على الأرض والهوية