هل قررت الحاخامية تفكيك إسرائيل؟ /إيهاب جبارين

أحد, 06/08/2025 - 09:57

في قلب السياسة الإسرائيلية، حيث تتصادم رؤى الهوية والمساواة، تبرز قضية تجنيد الحريديم كقنبلة موقوتة تهدد استقرار الائتلاف الحاكم وجوهر الدولة نفسها.

ليست هذه مجرد معركة قانونية حول إلزامية الخدمة العسكرية، بل هي سؤال وجودي: هل إسرائيل دولة قومية موحدة، أم طيف من الطوائف المتصارعة؟ وهل يمكن للدولة أن تستمر في تحمل أعباء مجتمع يرفض المشاركة في الدفاع والإنتاج، بينما يطالب بحقوق متساوية؟

تعود جذور إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية إلى "صفقة بن غوريون" في أواخر الأربعينيات، حين وافق رئيس الوزراء الأول ديفيد بن غوريون على إعفاء محدود لطلاب المدارس الدينية (اليشيفوت) من التجنيد، مقابل عدم معارضتهم العلنية للمشروع الصهيوني. هذا الإعفاء توسع مع الزمن ليشمل عشرات الآلاف، حيث يحصل حوالي 66 ألف شاب حريدي على إعفاء سنويًا، ما يشكل نسبة كبيرة من إجمالي المجندين المحتملين.

هذا التوسع أثار غضب العلمانيين والقوميين الذين يرون في الإعفاء خرقًا لمبدأ المساواة في تحمّل الأعباء، ويعكس انقسامًا عميقًا بين الدين والدولة.

يرفض الحريديم التجنيد لأسباب دينية واجتماعية وثقافية، منها تمسكهم بالدراسة التوراتية كجزء من هويتهم، والخوف من تأثير الجيش العلماني على قيمهم، إضافة إلى ضعف التأهيل التعليمي الذي يجعل الخدمة العسكرية صعبة، فضلاً عن الضغط الحاخامي الذي يعتبر التجنيد "حربًا على التوراة".

يرتبط هذا الصراع بنظام التعليم الحريدي الذي يركز على الدراسات الدينية ويتجاهل المواد العلمية، مما يؤدي إلى ضعف اندماج الشباب الحريدي في سوق العمل والجيش.

في يونيو 2024، ألغت المحكمة العليا الإعفاء، ما أشعل أزمة سياسية حادة بين الحكومة وأحزاب الحريديم التي هددت بالانسحاب من الائتلاف. هذا القرار وضع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في موقف حرج بين ضغوط الشارع العلماني وابتزاز الحاخامات.

يبرز في هذه الأزمة دور يولي إدلشتاين، رئيس لجنة الأمن في الكنيست، الذي يسعى لتمرير قانون التجنيد رغم المعارضة الحريدية، ما قد يغير موازين القوى السياسية في إسرائيل.

تواجه إسرائيل اليوم خيارًا صعبًا بين فرض التجنيد على الحريديم، مما قد يؤدي إلى توترات داخلية، أو الاستمرار في نظام الإعفاء الذي يهدد مبدأ المساواة ويزيد من الانقسامات الاجتماعية.

هذه الأزمة تعكس هشاشة الهوية الإسرائيلية بين التوراة والبندقية، وبين الدين والدولة، وتطرح تساؤلات حول مستقبل الدولة وقدرتها على الحفاظ على تماسكها في ظل تنوعها الطائفي والثقافي.

الفيديو

تابعونا على الفيس