هل انتهى شهر العسل بين ملالي إيران وبعث الشام؟

سبت, 05/04/2024 - 14:19

التي حمت النظام من السقوط. لكن مع ذلك، لا يخفى على أي مراقب اليوم أن العلاقات بين السوريين والإيرانيين ليست سمناً على عسل، بدليل أن بعض المسؤولين والضباط السوريين الكبار باتوا يتساءلون علناً: «ماذا استفدنا من العلاقة مع إيران؟ لماذا لا نوقع اتفاقيات سلام مع إسرائيل؟ أليس ذلك أفضل لنا من هذه الورطة مع الإيرانيين؟
ولو استمعتم هذه الأيام إلى الفيديوهات الخطيرة التي ينشرها أحد فتيان «شعبة المخابرات العسكرية» السورية لتأكدتم أن هناك شيئاً ما يعكر وبشدة صفو العلاقات بين دمشق وطهران، فالفتى «الموالي للعظم» المذكور لا يمكن أن يخرج على الهواء في مواقع التواصل وعلى شاشات التلفاز ليصف إيران بأنها ألد أعداء الشعب السوري، فهي عدو مبين للسوريين برأيه، بينما يتكلم عن إسرائيل بكلمات رقيقة وعذبة حدّ الوله والعشق والهيام، كأن يصف الإسرائيليين بالمعتدين وليس بالأعداء، لا بل إنه اتهم إيران بأنها مسؤولة عن كل الخراب والدمار اللذين تعرضت لهما سوريا على مدى ثلاثة عشر عاماً من الثورة. نعم الثورة، فقد اعترف المتحدث، بإيعاز مخابراتي طبعاً، بأن السوريين ثاروا من أجل تحسين وضع بلدهم لكن إيران وميليشياتها هي التي تصدت لهم بالحديد والنار وقتلتهم وشردتهم بالملايين ودمرت مدنهم وقراهم. وهذا كلام كبير لا يمكن لأي سوري أن يتفوه به لو لم يكن لديه ضوء أخضر مخابراتي. لا أحد يقول لي إن المتحدث الذي صعق السوريين بفيديوهاته الأخيرة هو مجرد مهرج صغير ولا يؤخذ بكلامه، فنحن السوريين نعلم أنك في سوريا لا تستطيع أن تنتقد جمهورية حنكوشيا الشمالية (الصديقة) دون عقاب شديد، فما بالك أن تشن هجوماً على أهم حليف للنظام السوري وهي إيران وتصفها بأنها أكثر خطراً على السوريين بعشرات المرات من إسرائيل بهذه السهولة، ثم تحصل بعد ذلك على شكر مالي وسيارة «بيجو إيرانية» هدية من المخابرات العسكرية؟
بالتزامن مع ذلك كله، فقد تم الإعلان خلال الأيام القليلة الماضية عن تشكيل ما أطلق عليها «وحدة المهام الخاصة» في سوريا «لاستهداف إيران و«حزب الله»». صحيح أن الجهة التي أعلنت عن ذلك تدّعي أنها معارضة، لكن البعض لا يبرئ المخابرات السورية من تلك الحركة، خاصة وأنها تتطابق مع هجوم الناطق المخابراتي على الوجود الإيراني في سوريا، كما أنها تتزامن مع الاتهامات الإيرانية للاستخبارات السورية بإعطاء الإحداثيات لإسرائيل لاستهداف مواقع إيرانية داخل البلاد.
ولا ننسى طبعاً أن دمشق (رافعة رايات المقاومة والممانعة) نأت بنفسها تماماً عن الحرب في غزة، ومنعت أي مظاهرات تأييداً للفلسطينيين، وحظرت أية تحركات عسكرية من داخل أراضيها دعماً لحماس المتحالفة مع إيران، فحصلت مقابل ذلك على تعطيل قانون مناهضة التطبيع الأمريكي، فقد رفض الإسرائيليون والأمريكيون تمرير القانون ضد النظام السوري تكريماً له على موقفه الإيجابي من الهجوم الإسرائيلي على غزة.
غير أن هناك رأياً آخر يعتقد أنه من السذاجة الانسياق وراء فيديوهات فيسبوكية وبعض الأبواق واعتبارها دليلاً دامغاً على انهيار العلاقة بين طهران ودمشق، فالتحالف بين إيران والنظام السوري استراتيجي ومدعوم إسرائيلياً وأمريكياً، ولا يمكن أن يهتز ويسوء بسبب فيديو، أو قيل وقال هناك، وأن كل ما يحدث في هذا الصدد قد يكون مجرد لعبة مدروسة، أو مناورة وتكويعة تكتيكية أسدية معروفة، تتضمن رسائل للعرب تزامناً، وكردّ جميل وتحية، مع دعوة الأسد للقمة العربية، كي تبدو دمشق وكأنها تستجيب لبعض الضغوط العربية والدولية التي تطالبها بالابتعاد عن إيران مقابل الحصول على دعم مالي وسياسي عربي ودولي، فهل يمكن أن يكون الأمر بهذه البساطة والسذاجة فعلاً، أم إن وراء الأكمة ما وراءها؟ هل هي مجرد سحابة صيف وفقاعة ستنفجر وتتلاشى في الهواء، أم هي مؤشرات ومقدمات لنقلة شطرنجية على الرقعة المهلهلة وخطوة سورية جدية وتمهيد لإجراء قرار حاسم سيطال، فعلاً، الوجود الإيراني في سوريا؟

كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com